
في يوم الأربعاء الموافق 18 أكتوبر 2024، ارتكب الاحتلال الإسرائيلي جريمة جديدة بإقدامه على اغتيال القائد يحيى السنوار، أحد أبرز رموز المقاومة الفلسطينية. لكن هذه الجريمة، رغم ثقلها، ليست الأولى في سجل المقاومة الفلسطينية. فقد شهدنا من قبل اغتيالات عديدة لقيادات بارزة، ومع ذلك، كانت المقاومة تتعافى، تنمو، وتواصل مسيرتها بقوة أكبر.
اغتيال يحيى السنوار ليس إلا حلقة في سلسلة طويلة من الجرائم التي ظن الاحتلال أنه بها سينهي المقاومة. لكن التاريخ يثبت أن المقاومة الفلسطينية لا تعتمد على فرد أو قائد بعينه. بل هي مشروع شعبي واسع، متجذر في كل بيت وكل شارع في فلسطين. القادة يذهبون، لكن المقاومة تبقى وتزداد عزيمة.
إرث يحيى السنوار: القائد الذي لم ينكسر
يحيى السنوار لم يكن مجرد قائد سياسي أو عسكري في حماس، بل كان رمزًا للصمود والتحدي. على مدار سنوات قيادته، أثبت السنوار أنه لا يخشى الاحتلال ولا تهديداته، وأنه على استعداد للتضحية بنفسه في سبيل حرية شعبه. منذ أن خرج من الأسر في صفقة تبادل الأسرى عام 2011، قاد السنوار المقاومة بحنكة وشجاعة، وقام بتطوير قدراتها في مواجهة الاحتلال.
لكن رغم اغتياله، السنوار لم يكن وحده، بل كان جزءًا من نظام مقاوم راسخ. حركة حماس لديها بنية تنظيمية قوية، وقيادات عديدة مؤهلة لمواصلة الطريق. إن استشهاد السنوار لن يوقف عجلة المقاومة، بل سيزيدها صلابة وتحديًا.
المقاومة: فكرة لا تموت
على مدار تاريخها، واجهت حركة حماس وحركات المقاومة الأخرى اغتيالات عديدة. في التسعينات، اغتال الاحتلال المهندس يحيى عياش، ظنًا منهم أن نهاية هذا العقل المدبر ستضعف المقاومة. وفي عام 2004، اغتال الاحتلال مؤسس حماس الشيخ أحمد ياسين، ثم بعد أسابيع قليلة استشهد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي. ورغم ذلك، كانت المقاومة دائمًا تنهض من جديد، أقوى وأكثر تحديًا.
هذه الاغتيالات كانت تظن أنها ستحطم إرادة المقاومة، لكنها على العكس تمامًا، زادت من عزيمة الشعب الفلسطيني وأظهرت للعالم أن المقاومة ليست مرتبطة بأشخاص، بل هي فكرة عميقة متجذرة في قلوب الفلسطينيين.
ماذا بعد استشهاد يحيى السنوار؟
عندما نتساءل عن خليفة يحيى السنوار، يجب أن نفهم أن المقاومة الفلسطينية ليست قائمة على فرد واحد. بل هي حركة مؤسساتية تمتلك من القيادات والكفاءات ما يجعلها قادرة على الاستمرار حتى في أحلك الظروف. اغتيال القادة هو تكتيك قديم تستخدمه إسرائيل في محاولتها لكسر إرادة الشعب الفلسطيني، لكنها لم تفلح يومًا. حركة حماس، بفضل بنيتها التنظيمية المتماسكة، قادرة على توليد قيادات جديدة من رحم المعركة.
قد يكون هناك خليفة للسنوار في القيادة، لكن المقاومة ليست بحاجة لشخص واحد لتستمر. فهي مدعومة بشعب يؤمن بقضيته ومستعد للتضحية من أجلها.
اغتيال القادة يزيد المقاومة صلابة
ما يثبت أن المقاومة لا تنهار بقتل القادة هو أن الشعب الفلسطيني في غزة والضفة وكل أنحاء فلسطين يعرف جيدًا أن المعركة مع الاحتلال هي معركة طويلة، تتطلب تضحيات. لقد رأينا من قبل كيف تحولت اغتيالات القادة إلى شرارات تلهب المقاومة وتزيدها قوة. استشهاد القادة لا يُضعف المقاومة، بل على العكس، يدفع الأجيال الجديدة لتحمل المسؤولية والمضي قدمًا في الطريق نحو التحرير.
المقاومة مشروع يستمر حتى التحرير
إن استشهاد يحيى السنوار هو خسارة كبيرة، لكنه لن يكون نهاية المقاومة. فالمقاومة ليست مجرد مجموعة من الأفراد، بل هي مشروع تحرري يمتد عبر الأجيال. كل قائد يسقط، يولد خلفه عشرات القادة الذين يحملون الراية ويواصلون المسيرة.
إن شعبًا كالشعب الفلسطيني، الذي عانى عقودًا من الاحتلال والقهر، لن يسمح لمثل هذه الجرائم أن تكسر إرادته. المقاومة ستظل مستمرة حتى تتحقق أهدافها، مهما كانت التضحيات.
الخلاصة: المقاومة لا تنكسر باغتيال الأبطال
إن استشهاد يحيى السنوار ليس إلا صفحة جديدة في تاريخ المقاومة الفلسطينية المليء بالتضحيات والبطولات. المقاومة لا تموت باغتيال قائد، بل هي روح تنبض في كل فلسطيني. وكلما سقط قائد، ولدت قيادة جديدة أقوى وأكثر عزيمة. تاريخ المقاومة شاهد على أن كل محاولة لكسرها لم تؤد إلا إلى المزيد من الصمود والإصرار على تحقيق النصر.
يحيى السنوار قد رحل، لكنه ترك خلفه إرثًا عظيمًا، وسيرثه شعب يعرف جيدًا كيف يقاوم وكيف ينتصر.